Monday, May 15, 2006

التحليل النفسي بين المجتمعات التقليدية ومجتمعات الحداثة


محاضرة قدمها المحلل النفسي فتحي بن سلامة، على عدد من المحللين في دمشق _سوريا

عرض د.رندا رزق الله

تمر المجتمعات العربية اليوم بنقطة تحول كبيرة ، جعلتها تتخبط بين الحاضر والماضي ، وجعلت ذات الفرد العربي في موقع التساؤل وإعادة بناء موقع يتناسب والتحولات الحضارية الهائلة التي يشهدها، والتي جعلته يعيش في غربة هائلة عن ماضيه وعن حاضره في الوقت نفسه.

إن كلمة الذات في العربية هي ترجمة لما يقابلها بالفرنسية والانكليزية لكنها لاتعطي المعنى المطلوب منها وهو الفاعل والمفعول. وقد بحثت عن كلمة في المراجع العربية تعطي هذا المعنى وتوصلت إلى أنه يمكن استخدام كلمة عبد ( والتي تعطي معنى الفاعل والمفعول). هذه الذات تتحدد في مرحلة المرآة من نمو الطفل، التي تشطر الذات عن اسمها ويصبح الطفل ذات في سن الأربع سنوات تقريباً. أي يصبح العبد كلامي واجتماعي.

لقد تغير في الذات الحضارية جانبها الاجتماعي بينما بقي الجانب اللغوي يعطي نفس المعاني والوظائف اللغوية، أما المتبدل فهو المجتمع والعلاقات الاجتماعية. في مرحلة الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية هناك فترة اغتراب كبيرة

فما الذي تغير في الذات بين المجتمعات التقليدية والمجتمعات الحديثة؟.؟

محاور التبدل في فترة الاغتراب التحولية هي :

أساليب الزواج ودلالاته:

في المجتمعات التقليدية كان الزواج يتم بين العائلات الممتدة ( المؤلفة من جيل الأجداد والآباء والأبناء والعموم والأخوال)، فارتباط شاب وفتاة يعني ارتباط أسرتيهما بروابط النسب، وذلك بهدف الحفاظ على الأرث الذي يمثل الأرض أو الأملاك، والأرض هي الحياة. وبمعنى آخر العائلة هي التي تنتج الزواج وليس العكس. بينما يعتبر الزواج خارج هذا الإطار عار لأنه مهدد وخطير يهدد بفقدان الأرث.وهذا ما نجده في زواج (الخطيفة) والذي يعني الزواج دون مباركة أسرتي المتزوجين. بينما في المجتمعات الحديثة الزواج هو الذي ينتج الأسرة النووية (الصغيرة) المؤلفة من أب وأم وأولاد فقط، كما أن حياة الأجداد والأقارب منقطعة تقريباً عن حياة الأبناء في أسرهم الصغيرة. الأمر الذي يؤثر حتماً على دور الأب في الأسرة والأنا الأعلى بالنسبة للذات.

المرأة وعذرية الفتاة:

تتبدل علاقة الانسان مع ذاته عندما يتبدل مفهوم العذرية المرتبط بالعلاقة الجنسية بشكل جذري. ففي المجتمعات التقليدية يدخل جسد المرأة في العلاقة الأيروسية أي أن جسدها هو جسد للعائلة كلها. في المجتمعات الحديثة يخرج جسد المرأة من هذه العلاقة ويصبح معبراً عن ذاته وملكاً للمرأة نفسها. وبالتالي يتحول جسدها من جسد محرم مخبأ إلى جسد معبر عنه.

العلاقة الجنسية:

إن مجتمع الحداثة يفصل بين العلاقة الجنسية والإنجاب، وهو بمعنى آخر الفصل بين المرأة و الأم. فمثلاً تطرح الحداثة العلاقة الجنسية مع موانع الحمل، واحدى النساء كانت تميز أبناءها وتقول أن الذين أتوا قبل حبوب منع الحمل هم وديعين وطيبين وبينما الذين أتوا بعد تناولها حبوب منعالحمل وإرادتها حملهم كانوا عصبيين .

في كتاب فرويد ( ما فوق مبدأ اللذة)، يرى أن إشباع اللذة بحد ذاتها غير كاف، فالمتعة التي يسعى إليها الإنسان لا تقف عند درجة إشباع لها ، ولكنها تذهب به إلى الموت.في المجتمعات التقليدية الأنثى خطر مهدد بالنسبة للذكور لأنها معرفة غامضة سحرية يمكن أن تؤدي بالرجل إلى المتعة الكاملة التي تعني الموت. في قصص ألف ليلة وليلة تدور الحكايا كلها حول أساليب المرأة لتجعل الرجل يقع في غيرة مع الآخر. وعندما تضع الحداثة المرأة خارج المنزل بعيداً عن أنظار الرجل ، أي تضعها في ساحة هذا الآخر مما يجعل الرجل يقع في حالة قلق وتوتر ومشكلة غير مفهومة بالنسبة له.

موقع الأب في الأسرة وتحولات الأنا الأعلى:

يتمتع مركزالأب في الأسرة التقليدية بمكانة كبيرة ويتشارك فيه كل ذكور العائلة من (جدود وعموم وأبناء وأخوال ...)، بينما يتقلص هذا الدور في الأسرة الحديثة ليفقد أب العائلة ربوبيته لها، ويصبح بالتالي أب لكل فرد على نحو خاص. كما تحل الدولة والقانون محل العلاقة الأبوية بالنسبة للفرد.

لقد ميز فرويد بين نوعين من الأنا الأعلى وهما: الأنا الأعلى الخارجي أو الاجتماعي والأنا الأعلى الذاتي الذي يمثل وظيفة في النفس الانسانية تعمل كرقيب على رغبات الشخص مما يدفعه للتخلي عن الرغبات المرفوضة ويؤدي بالتالي إلى الشعور بالذنب، لكن المشكلة لا تحل بالتخلي عن الرغبة .

إن الأنا الأعلى الثاني هو الأبوي والذي يتكون من العلاقة مع الوالدين الأم والأب، ويكون ممزوجاً بالحب والتسامح. بينما يكون الأنا الأعلى الاجتماعي خطيراً لأنه خالي من الحب كما أنه أكثر بدائية من الأبوي.

عند تحول الأسرة من المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات الحداثة، يغلب الأنا الإجتماعي وتكون لسلطته قوة كبيرة وظاهرة. لذلك يكثر جنوح الأحداث نتيجة هذا الخلط بين الأنا الأعلى الأبوي والأنا الأعلى الاجتماعي .

الطقوس والدين ومجتمع الحداثة:

في المجتمعات التي تعيش غربة التحول من حالتها التقليدية إلى الحداثة، يبرز رفض للتقاليد والقيم القديمة و تحول التدين إلى مجرد ممارسة آلية للطقوس ، ففي المجتمع التقليدي تتمتع الطقوس بأهمية كبيرة، فهي تطبع أفراد المجتمع بطابع موحد، وتشكل علاقة الذات بالمعرفة، فذات الفرد هي التي تتلقى المعرفة عن طريق الطقوس بأساليب سرية يكتنفها الغموض وبهالة سحرية جذابة توحد معارف الجماعة. وفي أسطورة أوديب عندما يسقط أبو الهول تسقط جميع الطقوس الاجتماعية التي تمنح المعرفة ويصبح الفرد هو مصدر معرفته الذاتيه وهذا ما يسمى ب( التأسيس الذاتي)

إذاً تقوم الحداثة على بناء الفرد معرفته بذاته، والخلل في الحصول على المعرفة يؤدي حتماًإلى تكاثر الاضطرابات النفسية في المراهقة. ومشكلات في نرجسية علاقة المراهق بذاته.

أمام المراهق في مجتمعات التحول هذه أحد حلين: إما العودة إلى أصول الدين كما هي والتمسك بها والمغالاة في ممارستها، وهنا علينا فهم ما يعيشه ومبررات لجوءه إلى هذا الحل، ألا نعكس له الخطاب الاجتماعي والسياسي الذي يخاطبه. او ينجرف المراهق بتيار الحداثة وكل ما يجلبه ويحاول تمثل صورة الذات في مجتمعات الحداثة المرسومة له،

إن كل حداثة تقدم حرية فردية لكن هذه الحداثة ينبغي أن تواكبها حلول للمشكلات التي تظهر نتيجة التحول من مجتمعات تقليدية إلى مجتمعات الحداثة.وهنا يكون للفنون دور هام في طرح تلك المشكلات والبحث عن حلول لها، وعقلنة ما يجري في هذه المجتمعات.

المعرفة: إن الحداثة تعني التقنية، والتقنية تربط وجود الإنسان بالمعرفة، مثلاً تحديد موعد الحمل وموعد الولادة ومعرفة شكل وأبعاد الجنين...إلخ. أي تربط الحداثة الإنسان بقوة إلى الآلة لا بالله الذي يحدد قدرالإنسان.

الموت: مما سبق يمكننا توضيح علاقة الانسان بمعنى الحياة.

ففي المجتمع التقليدي الديني الموت وطقوسه توجه المعنى والمعرفة، فحياة الفرد مرتبطة بالآخر ( الله). أما في مجتمعات الحداثة فالتقنية الطبية توجه الموت وتعطي معنى الحياة، وتتدخل في التغيرات في حدود الشخص وعلاقته بالآخرمثل عمليات زرع القلب والأعضاء الحية فنقول ( إن حياة الآخر دخلت في حياتي وقلبه أعطاني الحياة)

وفي مجتمع الحداثة بالتالي موت الآخر يعطي الحياة، وهذا ما جلبته حروب الحداثة وحضارة الموت.فالذات التي هي في اللغة العربية العبد تصبح في مجتمع الحداثة القاتل والمقتول في آن معاً بعدما كانت في المجتمع التقليدي الفاعل والمفعول

وأخيراً إن تحديث المجتمعات التقليدية بشكل سريع له عواقب وخيمة على ذات الفرد حيث يصبح مستغرقاً فيها وغير قادر على مواكبتها، أي بعبارة أخرى غير قادر على امتلاك آليات دفاعية حديثة وأكثر تلاؤماً لما تجلبه تلك الحداثة من تغيرات على كافة الصعد.

Randa Rezg Allah, PhD

Sunday, May 14, 2006

برنامج تدريبي لتنمية الذكاء العاطفي لدى تلاميذ الصف السادس


ملخص أطروحة مقدمة في جامعة دمشق لنيل درجة الدكتوراه في علم النفس بعنوان فاعلية
برنامج تدريبي لتنمية مهارات الذكاء العاطفي لدى تلاميذ الصف السادس
دراسة تجريبية ميدانية في مدارس مدينة دمشق –سوريا
(Emotional Intelligence)
اعداد: رندا رزق الله

تناول البحث إعداد برنامج لتنمية مهارات الذكاء العاطفي لدىتلاميذ الصف السادس من مرحلة التعليم الأساسي، والتي توافق مرحلة المراهقة المبكرة، من عمر يتراوح بين (11-13) سنة. واهتم بقياس مدى فاعلية هذا البرنامج في تنمية مهارات الذكاء العاطفي لدى الفئة المستهدفة بالدراسة، وذلك عن طريق استخدام مقياس مهارات الذكاء العاطفي _ من تعريب وإعداد الباحثة_ لاستخراج الفروق بين العينتين التجريبية والضابطة، وبين أفراد العينة التجريبية قبل التدرب على البرنامج وبعده.
وقد تألف البحث من بابين تناول الباب الأول الدراسة النظرية من خلال التعريف بالبحث وأدبياته، ودراسة الفئة المستهدفة بالدراسة، وعرض عدد من الدراسات السابقة المتعلقة بمفهوم الذكاء العاطفي، وتقديم الخلفية النظرية للموضوع، وبعض المتغيرات التي يرتبط بها. أما الباب الثاني فقد تضمن العمل التجريبي، وتناول خطوات الإعداد لبرنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي، وخطوات بنائه، ومراحل تنفيذ العمل التجريبي، إضافة إلى التأكد من صدق وثبات المقياس المستخدم كأداة للتقويم، ثم عرض للنتائج التي تم التوصل إليها ودراستها دراسة تحليلية، والتي وضعت في ضوئها بعض المقترحات.
الباب الأول:
الجزء النظري:
تكون هذا الجزء من خمسة فصول، تناول الفصل الأول منها مخطط البحث، بينما تناول الفصل الثاني الدراسات السابقة، وتضمن الفصل الثالث الذكاء العاطفي(مفهومه_ تاريخيته_أبعاده النفسية والاجتماعية)، أما الفصل الرابع فتناول مهارات الذكاء العاطفي وفق النماذج المتعددة وتضمن الفصل الخامس، دراسة الخصائص النفسية للمرحلة المستهدفة بالدراسة وهي المراهقة المبكرة.
فيما يلي عرض موجز لأهم محتويات هذا الباب:


1- مشكلة البحث:
لاحظت الباحثة وجود نقص لدى الأفراد بشكل عام والنشء في مرحلة المراهقة المبكرة بشكل خاص، في مستوى مهارات الذكاء العاطفي، وذلك من خلال لقاءاتها وحواراتها مع العديد من تلاميذ الصف السادس من التعليم الأساسي، ومع معلميهم ومربيهم. إن هذا الضعف قد انعكس بشكل مباشر على مستقبل الناشئ، سواء على تكيفه الذاتي مع انفعالاته وفهمها والتعبير عنها، أو على تكيفه مع الآخرين وإقامته علاقات إيجابية فعالة وبناءة، وفهم انفعالات الآخرين، والتعامل معها. إن الضعف في تلك المهارات، وغيرها من مهارات الذكاء العاطفي، يؤثر على حياة المراهق فيؤدي إلى صعوبات تكيفية مع الذات ومع المجتمع، تضاف إلى ما تحمله مرحلة المراهقة من مشكلات وصعوبات الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد.
لقد أكد العديد من العلماء (جولمان ، شابيرو، ماير وسالوفي ، بارون) وغيرهم ممن درس الذكاء العاطفي وتعمق في بحره، وجود نماذج متعددة للذكاء لكن أهمها على الإطلاق هو الذكاء العاطفي، "ويشير جولمان (1995) إلى أهمية تأثير الذكاء العاطفي في العلاقات الاجتماعية مع زملاء العمل والأصدقاء والأبناء وجميع من تربط الفرد بهم علاقات سلوكية تأثيراً وتأثراً ، ويضيف أن الذكاء العاطفي يساعد في النجاح الوظيفي للفرد ويضمن له النجاح في العمليات والعلاقات المهنية داخل العمل" (أحمد،2003،ص:53_54)
كذلك لمست الباحثة قلة الدراسات العربية وخاصة المحلية منها، في إعداد برامج لتطوير مهارات الذكاء العاطفي لدى المراهقين بشكل خاص، ولدى فئات المجتمع بشكل عام. من هنا برزت الحاجة إلى تنمية تلك المهارات، لدى عينة من تلاميذ الصف السادس من التعليم الأساسي، وذلك من خلال إعداد برنامج نفسي تربوي في محاولة لمواجهة مشكلة البحث التي تبلورت على النحو التالي:
1_ما مدى فاعلية برنامج تدريبي، لتنمية مهارات الذكاء العاطفي التالية(مهارة فهم الانفعالات الشخصية والتعبير عنها، ومهارة فهم العلاقات البيشخصية ، ومهارة إدارة الضغوط ، مهارة التكيف (التكيفية)، والمهارة في التحكم بالمزاج العام، الانطباع الايجابي عن الذات) لدى عينة من تلاميذ الصف السادس من التعليم الأساسي؟.
2_ ما مدى فاعلية برنامج تدريبي، لتنمية مهارات الذكاء العاطفي الكلي لدى أفراد عينة البحث؟.

أهمية البحث:
اتضحت أهمية تمتع الفرد بالذكاء العاطفي نتيجة الدراسات العديدة، والتي توصلت إلى أن الذكاء العقلي العام والذي تقيسه مقاييس الذكاء المعروفة، غير كاف لتحقيق النجاح للفرد على صعيد الدراسة والعمل والأسرة. " فالذكاء العام لا يحدد مستوى سعادة الشخص في حياته المقبلة بدرجة دقيقة. بينما يتناول الذكاء العاطفي مهارات الفرد الاجتماعية والانفعالية بالإضافة إلى المعرفية. فقد قدم مفهوم الذكاء العاطفي ونماذج المهارات المكونة له، والتي تتمثل في : " معرفة العواطف الذاتية وفهمها، إدارة العواطف، وتحفيز النفس (أي توجيه العواطف في خدمة هدف ما)، التعرف على عواطف الآخرين، توجيه العلاقات الإنسانية أو البيشخصية " (جولمان ،2000،ص:68_69)، رؤية جديدة أكثر شمولية لإمكانيات النجاح، "ولاشك أن هذه الرؤية التعددية للذكاء تقدم صورة أكثر ثراء لقدرات الطفل وإمكانيات نجاحه أكثر من معيار الذكاء(IQ ) (م.س، ص:62).
لذلك كان من الضروري بناء برامج تعمل على تنمية مهارات الذكاء العاطفي، تلك البرامج تطور وتحسن مهارة الفرد، في فهم انفعالاته والتحكم بها، وفهم انفعالات الآخرين والتعامل معها، وبالتالي تحسن المهارة في بناء علاقات بيشخصية فعالة " إذ يمكن تنمية الذكاء العاطفي والمهارات المرتبطة به من خلال برامج تدريبية و تنموية كإجراءات وقائية وعلاجية" (Bar_on & Paker,2000,p:20).
ولعل أصالة هذه الدراسة وجدتها يعدان عنصرين هامين في هذا البحث، مما يستدعي القيام بالمزيد من الأبحاث والدراسات التي يكون هدفها تطوير مهارات الفرد في الذكاء العاطفي وذلك منذ المراحل الأولى للنمو.
أهداف البحث:
سعى البحث إلى التوصل إلى هدف رئيسي هو :
_ تصميم برنامج تدريبي لتنمية مهارات الذكاء العاطفي، والتأكد من فاعليته لدى العينة المستهدفة بالدراسة.
وتطلب تحقيق الهدف الرئيسي تحقيق الأهداف الفرعية التالية :
1- التعرف على مستوى مهارة الذكاء العاطفي لدى العينة المستهدفة بالدراسة .
2- إعداد برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي بما يتناسب و المرحلة العمرية للعينة.
3- تدريب أفراد العينة على إجراءات وأنشطة برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي التي تم تصميمها.
4- التحقق من فاعلية برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي .
5- التحقق من فاعلية برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي في التطبيق البعدي المؤجل للمقياس(بعد الانتهاء من تطبيق البرنامج بمدة 36يوماً).
6- التوصل إلى عدد من المقترحات المتعلقة في ضوء النتائج التي توصل إليها هذا البحث.
فرضيات البحث:
انطلق البحث من الفرضيات التالية :

1- لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة التجريبية اللذين تدربوا على برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي، ومتوسط درجات تلاميذ المجموعة الضابطة اللذين لم يتدربوا على البرنامج، في مهارات الذكاء العاطفي.

2-لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة التجريبية، قبل التدريب على البرنامج وبعده، في مهارات الذكاء العاطفي.

3_ لا توجد فروق دالة إحصائياً،بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة الضابطة، وذلك قبل تطبيق البرنامج وبعده، في مهارات الذكاء العاطفي.

4-لا توجد فروق دالة إحصائياً، في نتائج التدرب على برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي مع متغير الجنس .
ويتفرع عن الفرضية الرابعة الفرضيات التالية:
أ_ لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الذكور، ومتوسط درجات الإناث في المجموعة التجريبية، في مهارات الذكاء العاطفي.
ب_ لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الذكور في المجموعة التجريبية، ومتوسط درجات الذكور في المجموعة الضابطة، في مهارات الذكاء العاطفي.
ج_ لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الإناث في المجموعة التجريبية، و متوسط درجات الإناث في المجموعة الضابطة، في مهارات الذكاء العاطفي.

5_ لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة التجريبية في التطبيقين البعدي الفوري و البعدي المؤجل، في مهارات الذكاء العاطفي.

التعريف بمصطلحات البحث:
الذكاء العاطفي Emotional Intelligence:
عرف سالوفي وماير الذكاء العاطفي كما يلي:
" إنها المقدرة على مراقبة مشاعر وعواطف الفرد الشخصية وعواطف الآخرين، ليميز بينها ويستخدم هذه المعلومات لتكون موجهاً لتفكيره وأفعاله" Salovey,Mayer,1990,P.189)).
بينما عرف بارون الذكاء العاطفي بأنه: " قدرة الفرد على فهم مشاعره والتعبير عنها، وامتلاك تقييم إيجابي للذات، وتحقيق واسع لقدراته ليعيش حياة هانئة سعيدة. إنها القدرة على فهم الطريقة التي يشعر بها الآخرون، والقدرة على إقامة علاقات بيشخصية ناضجة ومسؤولة، دون أن تتحول إلى اعتمادية على الآخرين، يتصف هؤلاء الأفراد عموماً بالتفاؤل، والمرونة، والواقعية والنجاح في حل المشكلات والتعامل مع الضغوط، دون فقدان التحكم " (Bar On,1997,p.155-156).
هذا وقد ولفت الباحثة، تعريفاً للذكاء العاطفي، من خلال التعريفات السابقة وغيرها، وهو الذي سيتم اعتماده في البحث الحالي. (إنه قدرة الفرد على فهم وتحليل انفعالاته، وانفعالات الآخرين. ليتمكن من تحقيق قدر كبير من التكيف مع نفسه ومع الآخرين، ويتمكن من إدارة الضغوط وحل المشكلات المحيطة به، ويكون أكثر إيجابية في نظرته لذاته وفي تعامله مع الآخرين).
مهارات الذكاء العاطفي :
حدد سالوفي مهارات الذكاء العاطفي كما يلي: " أن يعرف الفرد عواطفه ، ويمتلك المهارة في إدارتها، والقدرة على تحفيز النفس، والتعرف على عواطف الآخرين، وتوجيه العلاقات الإنسانية " (جولمان ،2000،ص:68،69) . وقد حددها شابيرو كما يلي: " هي المهارات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي والتفكير وحل المشكلات، والتفاعل الاجتماعي، والنجاح الأكاديمي والعملي، والعاطفي" (شابيرو ،2001،ص:36) . بينما حددها ( بار ون) بأنها: "المهارة في فهم الشخص عواطفه، وفهم و إقامة علاقات بيشخصية مرنة، والقابلية للتكيف، والمهارة إدارة الضغوط ، والتحكم بالمزاج العام " . (Bar_On & Parker,2000,P:19)
برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي:
هو برنامج يستند إلى استراتيجيات محددة تهدف إلى تنمية مهارات الذكاء العاطفي وفق النموذج المختلط، و تتضمن عدداً من التدريبات والأنشطة المناسبة لتلاميذ الصف السادس من التعليم الأساسي، تمَّ توليفه من نموذج البرنامج الذي اقترحه بارون وباركر (Bar_On & Parker,2000) والبرنامج الذي أعده (شابيرو، 2001)، وعدد من البرامج الأخرى، التي صممت بهدف تنمية مهارة من مهارات الذكاء العاطفي أو أكثر .
تلاميذ الصف السادس:
هم الأفراد من عمر( 11-13 )سنة، والذين يدرسون في الصف السادس من التعليم الأساسي، في مدارس الجمهورية العربية السورية.

عينة البحث:
لقد تمَّ اختيار العينة بشكل مقصود، لعدد من تلاميذ الصف السادس في الحلقة الثانية من التعليم الأساسي، من مدارس مدينة دمشق الرسمية. كما تم تقسيم العينة إلى مجموعتين الأولى ضابطة، وعدد أفرادها(40)، عدد الذكور (21)، وعدد الإناث (19). والمجموعة الثانية تجريبية وعدد أفرادها (61)، عدد الذكور (31)، وعدد الإناث (30). إن المبرر لاختيار تلاميذ الصف السادس، هو ما لهذه المرحلة العمرية النمائية من أهمية في تكوين انفعالات وعواطف وسلوك الأفراد، فهي مرحلة انتقالية بينية تتوسط مرحلة الطفولة والمراهقة، وفيها تبدأ الانفعالات المتأججة والمتخبطة بالظهور، لتفاجئ كلاً من الطفل ووالديه ومعلميه، وهو هنا في أمس الحاجة إلى برامج تدربه وتعده لمواجهة وفهم العواطف التي تجتاحه، وتنمي لديه مهارات الذكاء العاطفي ككل ليجتاز أزمة المراهقة بسلام.

منهج البحث وأدواته:
اعتمد المنهج شبه التجريبي في هذا البحث، الذي يتطلب عدة خطوات لإنجاح التجربة مثل:تحديد مشكلة البحث وصياغتها بدقة، وضوح فرضيات البحث ودقتها، بذل كل الجهود الممكنة لضبط متغيرات البحث بدقة، التصميم الجيد للتجربة وتنفيذها.
أما الأدوات التي استلزمها إجراء البحث فهي:
1- برنامج معد خصيصاً لتنمية مهارات الذكاء العاطفي،لدى تلاميذ الصف السادس.
2- مقياس مهارات الذكاء العاطفي، من إعداد الباحثة.

أما الفصل الثاني من هذا الباب فقد خصص، للدراسات السابقة المتعلقة بمفهوم الذكاء العاطفي ومهاراته، من خلال عرض موجز لعدد من الدراسات العربية والأجنبية التي اهتمت بمهارات الذكاء العاطفي وعلاقتها بعدد من المتغيرات. والدراسات التي اهتمت بتنمية مهارات الذكاء العاطفي من خلال إعداد برامج تدريبية. وقد أشارت الباحثة إلى الافتقار للدراسات العربية التي تتناول دراسة النواحي النفسية لمهارات الذكاء العاطفي، و إعداد برامج لتنمية هذه المهارات لدى فئات المجتمع كافة. بعد ذلك تم التعقيب على الدراسات السابقة ومناقشتها، وربطها بالدراسة الحالية من خلال توضيح مكانتها بين الدراسات السابقة، وأوجه التقابل والاختلاف بينها.
بينما تضمن الفصل الثالث مفهوم الذكاء العاطفي من خلال عرض لمحة تاريخية عن نشأة المفهوم وتطوره على أيدي العلماء، كذلك تمّت دراسة أبعاده النفسية والاجتماعية وعلاقته بالمتغيرات المتعددة كالعمل والنجاح في الحياة والتحصيل، أما الفصل الرابع فتناول مهارات الذكاء العاطفي وفق النماذج المتعددة وتضمن الفصل الخامس، دراسة الخصائص النفسية للمرحلة المستهدفة بالدراسة وهي المراهقة المبكرة.

الباب الثاني:
الجزء التجريبي الميداني:
تألف هذا الجزء من أربع فصول:
حيث تضمن الفصل السادس عرضاً مفصلاً لمقياس مهارات الذكاء العاطفي بصورته الأجنبية وصورته العربية، حيث تم وصف المقياس والتعريف به ومكوناته، ثم تم عرض إجراءات الدراسة الاستطلاعية الميدانية للمقياس، من خلال إجراءات التأكد من الصدق : صدق الترجمة، والصدق المنطقي، والصدق البنيوي. أما إجراءات التأكد من الثبات فكانت بثلاث طرائق: الإعادة بفارق أسبوع، وطريقة التجزئة التنصيفية، وطريقة ألفا كرونباخ. وقد تم نتيجة التغذية الراجعة للدراسة الاستطلاعية إجراء التعديلات اللازمة. وبذلك أصبحت الصورة النهائية للمقياس جاهزة، وقابلة للتطبيق على أفراد عينة البحث.

وقد تناول الفصل السابع إعداد برنامج تدريبي لتنمية مهارات الذكاء العاطفي، من خلال عرض مراحل وخطوات إعداد البرنامج، والتي تكونت من الخطوات التمهيدية، وإعداد البرنامج بصورته الأولية من خلال تحديد الأهداف السلوكية التي يسعى إليها البرنامج، وتحديد المتدربين على البرنامج والوقت اللازم لإنجاز التدرب، وتحديد الأنشطة والإجراءات المستخدمة في البرنامج، كما تم تقديم مثال تفصيلي من جلسات البرنامج بصورته الأولية، وقد تم عرض البرنامج في صورته الأولية على عدد من المحكمين كخطوة أولى من الدراسة الاستطلاعية له، والتطبيق الاستطلاعي كمرحلة ثانية، وتم إجراء التعديلات اللازمة على الصورة الأولية للبرنامج وإعداده لمرحلة تنفيذ التجربة.

في حين تناول الفصل الثامن إجراءات تطبيق العمل التجريبي، وذلك بتدريب التلاميذ على برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي، فقد تم الاتفاق مع إدارة كل من مدرستي (أم الخير )، و(عصام صافية)، على تخصيص (36) حصة دراسية، موزعة على كامل السنة الدراسية، بحيث يخصص للتدرب على كل وحدة من وحدات البرنامج ست حصص دراسية، بالإضافة إلى حصة واحدة تمهيدية، للتعريف بالبرنامج وأهدافه. على أن تؤخذ الحصص من تلك المخصصة للأنشطة (الرسم _الرياضة). وذلك منذ بداية العام الدراسي (2003_2004). وقد تم تطبيق مقياس مهارات الذكاء العاطفي على العينة التجريبية والضابطة قبل وبعد تدريب أفراد العينة التجريبية، على الإجراءات والأنشطة التي تم تصميمها، للتحقق من أهداف البحث ، كما تم تقديم عرض تفصيلي لمراحل تطبيق البرنامج والصعوبات التي اعترضته.
وتناول الفصل التاسع والأخير عرضاً موجز لما تم التوصل إليه من نتائج في هذا البحث:
لقد استلزم التحليل الإحصائي لنتائج تطبيق مقياس الذكاء العاطفي، قبل التجربة وبعدها، حساب الفروق بين المتوسطات الحسابية للدرجات الخام بين المجموعتين التجريبية والضابطة، وكذلك بين التطبيقين القبلي والبعدي، وقد تمَّ ذلك من خلال استخدام اختبار ستودنت للعينات المستقلة، و للعينات المرتبطة، على برنامج
SPSS
وكانت نتائج التحليل الإحصائي كما يلي
1_ توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات التلاميذ الذين تدربوا على برنامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي من أفراد المجموعة التجريبية، و متوسط درجات التلاميذ الذين لم يتدربوا عليه من أفراد المجموعة الضابطة، في مهارات الذكاء العاطفي والفروق لصالح نتائج المجموعة التجريبية.
2- توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة التجريبية ، قبل التدريب على البرنامج المعد وبعده، في مهارات الذكاء العاطفي، والفروق لصالح نتائج المجموعة التجريبية في التطبيق البعدي.
3_ لا توجد فروق دالة إحصائياً ،بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة الضابطة، وذلك قبل تطبيق البرنامج المعد وبعده في مهارات الذكاء العاطفي.
4- نتائج اختبار الفرضية الرابعة والفرضيات المتفرعة عنها:
أ_ لا توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الذكور و متوسط درجات الإناث على مقياس الذكاء العاطفي، في (مهارات فهم الانفعالات الشخصية، ومهارة فهم العلاقات البيشخصية، وفي الذكاء العاطفي ككل والانطباع الإيجابي). بينما توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسط درجات الذكور و متوسط درجات الإناث، على المقياس المستخدم في ( مهارة إدارة الضغوط النفسية )و ( التكيفية)و ( المزاج العام )، و(الدرجة الكلية للمقياس)، وهي لصالح نتائج الذكور.
ب_ توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الذكور في المجموعة التجريبية، ومتوسط درجات الذكور في المجموعة الضابطة،في مهارات الذكاء العاطفي، وهي لصالح نتائج الذكور في المجموعة التجريبية.
ج_ توجد فروق دالة إحصائياً، بين متوسط درجات الإناث في المجموعة التجريبية، ومتوسط درجات الإناث في المجموعة الضابطة، في مهارات الذكاء العاطفي، وذلك لصالح نتائج الإناث في المجموعة التجريبية.
5_ لاتوجد فروق دالة إحصائياً بين متوسط درجات تلاميذ المجموعة التجريبية فور الانتهاء من تنفيذ التجربة في التطبيق البعدي الفوري، ونتائج نفس المجموعة بعد( 36) يوماً من انتهاء التجربة في التطبيق البعدي المؤجل.
كما جاءت نتائج تقويم المتدربين من أفراد المجموعة التجريبية متوافقاً ومؤيداً للنتائج الإحصائية السابقة.
هذا بالنسبة لفرضيات البحث أما فيما يتعلق بأهداف البحث، فقد تم تحقيقها كاملة، سواء من حيث بناء البرنامج، أو من حيث تدريب الطلبة عليه، وفاعليته بالنسبة لتنمية مهارات الذكاء العاطفي.كما تم التوصل إلى بعض المقترحات التي يمكن الإفادة منها.
مقترحات البحث:
حقق البحث من خلال إجراءاته الميدانية في العمل التجريبي، تحسُّناً واضحاً في مستوى مهارات الذكاء العاطفي لدى تلاميذ الصف السادس من أفراد العينة التجريبية، الذين تدربوا على البرنامج المعد لتنمية هذه المهارات، وذلك من خلال النتائج التي توصل إليها ومناقشتها، مما دل إحصائيا على فاعلية البرنامج في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها.
وقد تم وضع بعض المقترحات استناداً لما توصل إليه البحث من نتائج:

_تطوير برامج لتنمية مهارات الذكاء العاطفي لما لهذه البرامج من أهمية كبيرة في تحقيق التوازن الانفعالي والتكيف الاجتماعي ، للأفراد بشكل عام والمراهقين بشكل خاص، مما يساعدهم على تحقيق النجاح في مختلف مجالات الحياة.

_دمج برامج تنمية مهارات الذكاء العاطفي بالمناهج التدريسية وتخصيص حصص دراسية لذلك. من خلال وضع الخطط المناسبة لكل مرحلة تعليمية بما يتناسب وطبيعة التلاميذ والطلبة المستهدفين بالتدريب، وذلك في ضوء ما أشارت إليه حوارات الباحثة الميدانية مع أفراد عينة البحث.
_تطوير مقاييس مهارات الذكاء العاطفي، بما يتناسب والبيئة التي ستستخدم فيها.
_ استثمار برامج التدرب على تنمية مهارات الذكاء العاطفي، التي ثبتت فاعليتها في مجال التربية، والعمل، والصحة النفسية. لكي يتمكن الفرد من تحقيق أكبر قدر من السعادة.
Randa Rezg Allah, PhD